وحكى مثل هذه المعارضة عنهم في سورة النحل وفي الزخرف وإذا تأملتها حق التأمل رأيتها أقوى بكثير من معارضه النفاة آيات الصفات وأخبارهم بعقولهم فإن إخوانهم عارضوا بمشيئة الله الكائنات والمشيئة ثابتة في نفس الأمر والنفاة عارضوا بأصول فاسدة وهم وضعوها من تلقاء أنفسهم أو تلقوها عن أعداء الرسل من الصابئة والمجوس والفلاسفة وهي خيالات فاسدة ووهميات ظنوها قضايا عقلية وبالجملة فمعارضة أمر الرسل وخبرهم بالمعقولات إنما هي طريقة الكفار فهم سلف للخلف بعدهم فبئس السلف وبئس الخلف ومن تأمل معارضة المشركين والكفار للرسل بالعقول وجدها أقوى من معارضة الجهمية والنفاة لخبرهم عن الله وصفاته وعلوه على خلقه وتكليمه لملائكته ورسله بعقولهم فإن كانت تلك المعارضة باطلة فهذه أبطل وإن صحت هذه المعارضة فتلك أولى بالصحة منها وهذا لا محيد لهم عنه يوضحه

الوجه الرابع والأربعون: إن القرآن مملوء من ذكر الصفات والعلو على الخلق والاستواء على العرش وتكلم الله وتكليمه للرسل وإثبات الوجه واليدين والسمع والبصر والحياة والمحبة والغضب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015