التباين الذي بين النبي وبين صاحب المعقول أضعاف أضعاف التباين الذي بين الصبي والأستاذ.
ومن العجب أن هؤلاء المقدمين عقولهم على الوحي خاضعون لأئمتهم وسلفهم مستسلمون لهم في أمور كثيرة يقولون هم أعلم بها منا وعقولهم أكمل من عقولنا فليس لنا أن نعترض عليهم فكيف يعترض على الوحي بعقله من نسبته إليه أدق وأقل من نسبة عقل الطفل إلى عقله وجماع الأمر أن قضايا المعقول مشتملة على العلم والظن والوهم وقضايا الوحي كلها حق فأين قضايا مأخوذة عن عقل قاصر عاجز عرضة للخطأ من قضايا مأخوذة عن خالق العقول وواهبها هي كلامه وصفاته
الوجه الثالث والأربعون: إن العقل تحت حجر الشرع فيما يطلبه ويأمر به وفيما يحكم به ويخبر عنه فهو محجور عليه في الطلب والخبر وكما أن من عارض أمر الرسل بعقله لم يؤمن بهم وبما جاءوا به فكذلك من عارض خبرهم بعقله ولا فرق بين الأمرين أصلا يوضحه أن الله سبحانه وتعالى حكى عن الكفار معارضة أمره بعقولهم كما حكى عنهم معارضة خبره بعقولهم.