الوجه الحادي والستون إنه من أعظم المحال أن يكون المصنفون في جميع العلوم قد بينوا مرادهم وعلم الناس مرادهم منها يقينا سواء كان ذلك المعلوم مطابقا للحق أو غير مطابق له ويكون الله ورسوله لم يبين مراده بكلامه ولا تيقنت الأمة إلى الآن ما أراد بكلامه فهذا لا يقوله إلا من هو من أجهل الناس بالله ورسوله وكلامه ونحن لا ننكر أن في أرباب المعقولات من هو في غاية البعد عن معرفة الله ورسوله وما جاء به وأنه لم يحصل له اليقين من كلام الله ورسوله وذلك لبعده منه وعدم الثقة به وسوء ظنه به واعتقاده أن كلامه خطابة لا برهان وإنه تخييل خيل به إلى النفوس وشبه لها الأمور العقلية وأخرجها في الصور المحسوسة وأن القرآن إنما هو خطاب للعرب الجهال الذين هم من أجهل الأمم بالعلوم والحقائق وأنهم لم تمكن دعوتهم إلا بالطريق الخطابية التخييلية لا بالطريق البرهانية العقلية الحكمية وأن طريق الحكمة والبرهان هي طرق الفلاسفة والمنطقيين والصابئة وأتباعهم فلا ريب أن القرآن في حق مثل هذا لا يفيده اليقين بل هو عمى عليه وضلال في حقه كما قال تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015