الوجه الثامن والأربعون: إن الله سبحانه أخبر أن قلوب المؤمنين مطمئنة بذكره وهو كتابه الذي هدى به عباده فقال تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد28 , 27] أجابهم سبحانه عن سؤالهم ترك إنزال آيات الاقتراح بجوابين:
أحدهما أنها لا توجب إيمانا بل الله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء لا الآيات التي اقترحتموها
الثاني أنه نبههم على أعظم الآيات وأشدها اقتضاء للإيمان وأنها في اقتضائها للإيمان أبلغ من الآيات التي تقترحونها وهي كتابه الذي هو ذكره وما تضمنه من الحق الذي تطمئن إليه القلوب وتسكن إليه النفوس ولو كان باطلا لم يزد القلوب إلا شكا وريبا فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة فلو كانت كلماته وألفاظه لا تفيد اليقين بمدلولها لم تطمئن به القلوب فإن الطمأنينة هي سكون القلب إلى الشيء ووثوقه به وهذا لا يكون إلا مع اليقين بل هو اليقين بعينه.
ولهذا تجد قلوب أصحاب الأدلة السمعية مطمئنة بالإيمان بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته واليوم