وقوله {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} [الحديد19] ونظائرها على أبي بكر الصديق أو علي بن أبي طالب فقد ظلم اللفظ والمعنى وقصر به غاية التقصير وإن كان الصديق أول وأولى من دخل في هذا اللفظ العام وأريد به ونظير ذلك ما ذكره بعضهم في قوله {إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً} إلى قوله {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} [الإنسان 5 - 8] إن المراد بذلك علي بن أبي طالب فجمع إلى حمل هذا اللفظ العام المجاهرة بالكذب والبهت في دعواه نزولها في علي فإن السورة مكية وعلي كان بمكة فقيرا قد رباه النبي في حجره فإن أبا طالب لما مات اقتسم بنو عبد المطلب أولاده لأنه لم يكن له مال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ورباه عنده وضمه إلى عياله فكان فيهم.

ومن تأمل هذه السورةعلم يقينا أنه لا يجوز أن يكون المراد بألفاظها العامة إنسانا واحدا فإنها سورة عجيبة التبيان افتتحت بذكر خلق الإنسان ومبدئه وجميع أحواله من بدايته إلى نهايته وذكره أقسام الخلق في أعمالهم واعتقاداتهم ومنازلهم من السعادة والشقاوة فتخصيص العام فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015