إنها المرأة الموافقة فهذا كله من التمثيل للمعنى العام ببعض أنواعه فإن أراد القائل أن الأدلة اللفظية موقوفة على عدم التخصيص أنها موقوفة على عدم قصرها على هذا وأشباهه فنعم هي غير مقصورة عليه ولا مختصة به ولا يقال لفهم هذه الأنواع منها تخصيصا.
ونظير هذا ما يذكره كثير من المفسرين في آيات عامة أنها في قوم مخصوصين من المؤمنين والكفار والمنافقين وهذا تقصير ظاهر منهم وهضم لتلك العمومات المقصود عمومها وكأن الغلط في ذلك إنما عرض من جهة أن أقواما في عصر الرسول صلوات الله وسلامه عليه قالوا أقوالا وفعلوا أفعالا في الخير والشر فنزلت بسبب الفريقين آيات حمد الله فيها المحسنين وأثنى عليهم ووعدهم جزيل ثوابه وذم المسيئين ووعدهم وبيل عقابه فعمد كثير من المفسرين إلى تلك العمومات فنسبوها إلى أولئك الأشخاص وقالوا إنهم المعنيون بها.
وكذالك الحال في أحكام وقعت في القرآن كان بدو افتراضها أفعال ظهرت من أقوام فأنزل الله بسببها أحكاما صارت شرائع عامة إلى يوم القيامة فلم يكن من الصواب أضافتها إليهم وأنهم هم المرادون بها إلا على وجه ذكر سبب النزول فقط وأن تناولها لهم ولغيرهم تناول واحد فمن التقصير القبيح أن يقال في قوله تعالى {أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة 21]