خلاف تلك الأقوال وعذرهم رضي الله عنهم أنهم لم يكن لأحد منهم أن يبتدئ قولا لم يعلم به قائلا مع علمه بأن الناس قد قالوا خلافه فيتركب من هذا العلم وعدم ذلك العلم الإمساك عن اتباع ذلك الدليل.
وها هنا انقسم العلماء ثلاثة أقسام: فقسم أخذوا بما بلغهم من أقوال أهل العلم وقالوا لا يجوز لنا أن نخالفهم ونقول قولا لم نسبق إليه وهؤلاء معذورون قبل وصول الخلاف إليهم فأما من وصل إليه الخلاف وعلم بذلك القول قائلا فما أدري ما عذره عند الله في مخالفته صريح الدليل.
وقسم توقفوا وعلقوا القول فقالوا إن كان في المسألة إجماع فهو أحق ما اتبع وإلا فالقول فيها كيت وكيت وهو موجب الدليل ولو علم هؤلاء قائلا به لصرحوا بموافقته فإذا علم به قائل فالذي ينبغي ولا يجوز غيره أن يضاف ذلك القول إليهم لأنهم إنما تركوه لظنهم أنه لا قائل