وأعقل الأمم مطيعين على الانقياد لكتاب قد خالفه صريح العقل ويكون ذلك الكتاب متضمنا لخلاف الصواب في أعظم مطالب الدعوة الإلهية وظاهره ضلال ومحال ويطبق عليه أعقل بني آدم ويتلقونه بالقبول وتشهد عقولهم وفطرهم أنه الحق والصواب وأن ما خالفه فهو الباطل والإفك والمحال وتصح به قلوبهم وتطمئن به وتسكن إليه وتزكوا به النفوس أعظم زكا وهذا من المحال أن يحصل بما يخالف صريح العقل ويكون الصواب في خلاف ما دل عليه فإن القلوب الصحيحة والفطر السليمة والعقول المستقيمة لا تطمئن بباطل أبدا بل يكون أهله كما قال الله سبحانه {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق5] وقال تعالى {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات9 , 8] وقال {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً} [الإسراء48] ووصف سبحانه المصدقين به الذين لا يقدمون عليه غيره بطمأنينتهم به وجعل ذلك من أعظم آيات صدقه في أنه لو كان باطلا مخالفا للعقول لم تطمئن به القلوب بل كانت ترتاب به أعظم ريب فإن الكذب في الأمور الجزئية