إلا هذه وحدها لكانت كافية فكيف وفيه من الحكم ما لا يحصيه إلا الله مما ليس هذا موضعه
الوجه العاشر والمائتان: إن الجهمي احتج على امتناع ذلك عليه بأن هذا انفعال وتاثير عن العبد والمخلوق لا يؤثر في الخالق فلو أغضبه أو فعل ما يفرح به لكان المحدث قد أثر في القديم تلك الكيفيات وهذا محال وهذه الشبهة من جنس شبههم التي تدهش السامع أول ما تطرق وتأخذ منه وتروعه كالسحر الذي يدهش الناظر أول ما يراه ويأخذ ببصره وكصولة المبطل الجبان الذي يحمل أول أمره علىخصمه وهكذا شبه القوم كلها هي كحبال السحرة وعصيهم التي خيل إلى موسى أنها تسعى {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه69-67] فهكذا الحجة الحق تبطل جميع الشبه الباطلة التي هي للعقول كحبال السحرة وعصيهم للأبصار وجواب هذه الشبهة من وجوه
أحدها: أن الله سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه وكل ما في الكون من أعيان وأفعال وحوادث فهو بمشيئته وتكوينه فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن