إلا الخرص واتباع الظن كما قال تعالى في وصف سلفهم المعارضين لشرعه بالقدر {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الأنعام116] وهذا بخلاف متبع الوحي فإنه يتبع قولا يصدق بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض لا اختلاف فيه ولا اضطراب متصلا برب العالمين قوله ووحيه الذي نزله على رسوله قمصدره منه سبحانه ومظهره على لسان رسوله فعليه سبحانه البيان وعلى رسوله البلاغ وعلينا التسليم وقد فعل سبحانه ما عليه وفعل رسوله ما عليه فماذا نشأ بعد ذلك إلا أن نأتي بما علينا وبالله التوفيق.
الوجه الثامن والتسعون بعد المائة: إن هؤلاء النفاة المعطلة لا بد لهم من أصل يقررون به قولهم الذي ابتدعوه وأصل ينفون به ما أخبرت به الرسل وهذا حال كل من وضع رأيا أو نصب مذهبا لا بد له من أصل يقرر به رأيه وأصل يبطل به قول مخالفه.
وعلى هذين الأصلين بنوا مذاهبهم الفاسدة فكلامهم كله يدور على هاتين القاعدتين فإذا تكلموا في توحيدهم الذي هو غاية الإلحاد والتعطيل والتشبيه بالأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تتكلم كما قال حافظ الإسلام محمد بن إسماعيل البخاري في كتاب خلق الأفعال