الأجسام والذي دلنا على حدوث الأجسام أنها لا تخلو عن الحوادث ومالا يخلو عن الحوادث لا يسبقها ومالا يسبق الحوادث فهو حادث وأيضا فإنها لا تخلو عن الأعراض والأعراض لا تبقى زمانين فهي حادثة فإذا لم تخل الأجسام عنها لزم حدوثها وأيضا فإن الأجسام مركبة من الجواهر الفردة والمركب مفتقر إلى جزئه وجزؤه غيره وما افتقر إلى غيره لم يكن إلا حادثا مخلوقا.
وأيضا فالأجسام متماثلة كل ما صح على بعضها صح على جميعها وقد صح على بعضها التحليل والتركيب والاجتماع والافتراق فيجب أن يصح على جميعها قالوا وبهذا الطريق أثبتنا حدوث العالم ونفي كون الصانع جسما وإمكان المعاد فلو بطل الدليل على حدوث الجسم بطل الدليل الدال على إثبات الصانع وصدق الرسول فصار العلم بإثبات الصانع وصدق الرسول وحدوث العالم وإمكان المعاد موقوف على نفي الصفات والأفعال فإذا جاء في السمع ما يدل على إثبات الصفات والأفعال لم يمكن القول بموجبه ويعلم أن الرسول لم يرد إثبات ذلك لأن إرادته لإثباته تنافي تصديقه ثم إما أن يكذب الناقل وإما أن يتأول المنقول وإما أن يعرض عن ذلك جملة كافة ويقول لا نعلم المراد.
فهذا أصل ما بنى عليه القوم دينهم وإيمانهم ولم يقيض