خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله فهو التوحيد العلمي الخبري، وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع ما يعبد من دونه فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته وأمره ونهيه فهو حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم، انتهى.

فإذا عرفت أن توحيد الربوبية هو الإقرار والإعتراف بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت النافع الضار المدبر لجميع الأمور، وعرفت أن جهال الكفار الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرون بهذا معترفون به، ولم ينازع أحد منهم في ذلك، بل يعتقدون أن الله هو الفاعل لهذه الأشياء، وأنه لا ينفع ولا يضر إلا الله، وأنه المنفرد بالإيجاد والإعدام والتدبير والتأثير، وأنه لا مشارك له ولو في خلق ذرة من الذرات، ولم يدخلهم ذلك في الإسلام، بل قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يكون الدين كله لله، بأن يخلصوا العبادة ولا يشركوا معه في عبادته أحد سواه، فإن من دعا الله ودعا معه غيره فهو مشرك، فالدعاء والخوف والحب والرجاء والتوكل والإنابة والخشوع والخضوع والاستغاثة والاستعانة والذبح والنذر والإلتجاء وغير ذلك من أنواع العبادة التي اختص الله بها دون من سواه هي له سبحانه وتعالى، فمن صرف من هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015