جماعة الصحابة هو ما اختلف فيه الصحابة فذهب عمامتهم وأكثرهم إلى أمر، والبعض الآخر إلى خلافه، بدليل لفظ الاختلاف، فإذا اختلفوا فالصحيح أن الحق مع من كان الخلفاء الأربعة فيهم، فإن اختلفوا وكان أبو بكر وعمر مع طائفة فالحق معهم، وكذلك إذا كان أحد الخلفاء في طائفة ولم يكن أبو بكر وعمر معهم فمن كان عثمان أو علي معه فهم أولى من غيرهم.
وأما ما أجمع عليه الصحابة فوجوب اتباعهم يعلم بفحوى الخطاب، وأما ما اختلفوا فيه ولا يعلم كثرتهم في جانب فالحديث لا يدل على وجوب اتباعهم فيه، وهذا كله فيما إذا لم يعارضه آية أو حديث مرفوع صحيح أو حسن لم يثبت نسخهما، وأما إذا عارضته آية أو حديث فالحجة الكتاب والسنة، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، وماذا بعد الحق إلا الضلال.
والمقصود أن السواد الأعظم من هذه الأمة من كانوا على مثل ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما ينتحلونه ويفعلونه ويقولونه، وقد علمت أنهم رضي الله عنهم ما كان أحد منهم يستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، ولا يدعونه، ولا يلجؤون إليه فما ينوبهم، ولا كان أحد منهم يأتي إلى قبره عليه الصلاة والسلام فيتوسل به، ويدعو هناك، أو يستغيث به، وقد كان أعلم الناس بمثل هذه الأمور مالك إمام دار الهجرة، فإنه