قال ملا سعد الرومي في مجالس الأبرار: فلا بد لك أن تكون شديد التوقي من محدثات الأمور، وإن اتفق الجمهور فلا يغرنك اتفاقهم على ما أحدث بعد الصحابة، بل ينبغي لك أن تكون حريصا على التفتيش على أحوالهم وأعمالهم، فإن أعلم الناس وأقربهم إلى الله تعالى أشبههم بهم، وأعرفهم بطريقهم، إذ منهم أخذ الدين، وهم أصول في نقل الشريعة عن صاحب الشرع، وقد جاء في الحديث "إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الأعظم" والمراد به لزوم الحق واتباعه وإن كان المتمسك به قليلا، والمخالف له كثير، إلا أن الحق ما كان عليه الجماعة الأولى وهم الصحابة، ولا عبرة بالنظر إلى كثرة الباطل بعدهم، وقد قال الفضيل بن عياض ما معناه: الزم طريق الهدى، ولا يغرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين.
وقال بعض السلف: إذا وافقت الشريعة، ولاحضت الحقيقة فلا تبال وإن خالفت رأيك جميع الخليقة.
وقال الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في "إغاثة اللهفان": فالبصير الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق، ولا من فقده إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، منفرد العبد في طريق طلبه دليل على صدق طلبه.