نتجاوز ما حكينا عنهم، ولا استقصينا جميع بدعتهم وضلالتهم إذ هي فوق ما يخطر بالبال، أو يدور في الخيال.
وهذا كان مبدأ عبادة الأصنام في قوم نوح كما تقدم، وكل من شم أدنى رائحة من العلم والفقه يعلم أن من أهم الأمور سد الذريعة إلى هذا المحذور، وأن صاحب الشرع أعلم بعاقبة ما نهى عنه، وما يؤول إليه، وأحكم في نهيه عنه، وتوعده عليه، وأن الخير والهدى في اتباعه وطاعته، والشر والضلال في معصيته ومخالفته.
ورأيت لأبي الوفاء1بن عقيل في ذلك فصلا حسنا، فذكرته بلفظه، قال: لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، قال: وهم عندي كفار، مثل تعظيم القبور وإلزامها بما نهى عنه الشرع من إيقاد النيران، وتقبيلها، وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا أو كذا، وأخذ تربتها تبركا، وإفاضة الطيب اقتداء بمن عبد اللات والعزى، والويل عندهم لمن لم يقبّل مشهد الكف، ولم يتمسح بآجرة مسجد الملموسة يوم الأربعاء، ولم يقل