الأولون وهم أعلم منا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بحقوق الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام, وما يشرع من الدعاء وما لا يشرع, وهم في وقت ضرورة ومخمصة يطلبون تفريج الكربات, وتيسير العسير, وإنزال الغيث بكل طريق, دليل واضح على أن المشروع ما سلكوه دون غيره.
وأما قوله: "وإنما فعله عمر رضي الله عنه لدفع توهم أن الاستسقاء بغير النبي لا يجوز".
فأقول فيه كلام من وجوه:-
الأول: أن المراد بالاستسقاء بالعباس والتوسل به الوارد في حديث أنس رضي الله عنه هو الاستسقاء بدعاء العباس, على طرية معهودة في الشرع, وهي أن يخرج من يستسقى به إلى المصلي, فيستسقي ويستقبل القبلة داعيا, ويحول رداءه, ويصلي ركعتين أو نحوه من هيئات الاستسقاء التي وردت في الصحاح, والدليل عليه قول عمر رضي الله عنه: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا, وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. ففي هذا القول دلالة واضحة على أن التوسل بالعباس كان مثل توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم, والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا بأن يخرج, ويستقبل القبلة, ويحول رداءه, ويصلي ركعتين أو نحوه من الهيئات الثابتة في الاستسقاء, ولم يرد في حديث ضعيف فضلا عن الحسن والصحيح أن الناس طلبوا السقيا من الله في حياته متوسلين به صلى الله عليه وسلم من غير أن يفعل ما يفعل في