إنما يستحبون عند قبره ما هو من جنس الدعاء له والتحية كالصلاة والسلام, ويكرهون قصده للدعاء, والوقوف عنده للدعاء 1, ومن يرخص منهم في شيء من ذلك فإنه إنما يرخص فيما إذا سلم عليه, ثم أراد الدعاء أن يدعو مستقبل القبلة إما مستدير القبر, وإما منحرفا عنه, وهو أن يستقبل القبلة ويدعو, ولا يدعو مستقبل القبر, وهكذا المنقول عن سائر الأئمة, ليس في أئمة المسلمين من استحب للمرء 2 أن يستقبل قبر النبي ويدعو عنده.

وهذا الذي ذكرناه عن مالك يبين حقيقة الحكاية المأثورة عنه, وهي الحكاية التي ذكرها القاضي عياض عن محمد بن حميد قال ناظر 3 أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-, قال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد, فإن الله تعالى أدب قوما فقال: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات-2] وذكر باقي الحكاية, ثم قال: فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة, أو مغيرة, وإما أن تفسر بما يوافق مذهبه إذ قد يفهم منها ما هو خلاف مذهبه المعروف بنقل الثقاة من أصحابه, فإنه لا يختلف مذهبه أنه لا يستقبل القبر عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015