من باب المخاطبات الإلهية؛ والمكاشفات الربانية أعظم من تكليم موسى بن عمران؛ وهو في الحقيقية إيحاءات شيطانية؛ ووساوس نفسانية؛ وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم.
وأما قوله: "وفي حال كونه منتقلا إلى الغيب الذي هو البرزخ والدار الآخرة. فإن أنوار رسالته صلى الله عليه وسلم غير منقطعة عن العالم من المتقدمين والمتأخرين".
فالجواب أن يقال: إن كان أراد إنه صلى الله عليه وسلم له قدرة على إيصال الخيرات؛ ورفع المضرات بعد الممات؛ فقد قال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: آية 188] وقال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس: آية 107] فإذا كان هذا حاله في الحياة فما الظن به أو بغيره بعد الممات؟.
وإن كان أراد أن الخلق يستمدون منه أي مما جاء به من توحيد الله؛ وعبادته وحده لا شريك له؛ وترك عبادة ما سواه كائنا من كان؛ والعمل بسنته؛ والاهتداء بهديه؛ وترك ما نها عنه؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم عرفة:"وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله" الحديث 1. وقال صلى الله عليه وسلم: "تركتكم على الحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ