وهذا الرجل- عامله الله بعدله- يقول: "ولم ينكر ذلك أحد من السلف والخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك؛ وعدل عن الصراط المستقيم؛ وابتدع ما لم يقله عالم قبله" إلى آخر كلامه. وإنما حمله على هذا الكلام الحسد والهوى؛ وعدم خشية الله؛ والغلو الذي خرج به عن الصراط المستقيم وسلوك طريق أئمة الدين من الصحابة والتابعين والأئمة المهتدين الذين لهم قدم صدق في العالمين؛ فشيخ الإسلام هو الذي نصر الله به السنة؛ وقمع به أهل البدعة؛ فصاروا ببدعتهم مستترين؛ وأعز الله به الإسلام بعد أن كاد ينثلم.
وقال الإمام محمد التافلاني مفتي الحنفية بعد كلام له: وقد أثنى عليه جمهور معاصريه؛ وجمهور من تأخر عنه؛ وكانوا خير مناصرية؛ وهم ثقاة صيارفة حفاظ عريفهم في النقد دونه عريق عكاظ؛ وطعن فيه بعض معاصريه بسبب أمور أشاعها مشيع لحظ نفسه؛ أو لأجل معاصرة التي لا ينجو من سمها إلا من قد كمل في قدسه؛ فخلف من بعدهم مقلدهم في الطعن فتجاوز فيه الحد؛ ورماه بعظائم موجبة للتعزير والحد؛ ولو قال هذا المقلد كقول بعض السلف حين سئل عما جرى بين الإمام علي ومعاوية فقال"تلك دماء طهر الله منها سيوفنا أفلا نطهر منها ألسنتنا" لنجا من هذا العنا؛ وهذا الإمام تصانيفه قد ملأت طباق الثرى؛ واطلع عليها القاصي والداني من علماء الورى؛ فما وجدوا فيها عقيدة زائغة؛ ولا عن الحق