يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه فيّ" فطلب من الله أن يشفع فيه نبيه. وقوله: "يا محمد يا نبي الله" وهذا وأمثاله نداء يطلب به استحضار المنادي في القلب، فيخاطب المشهود بالقلب كما يقول المصلي: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، والإنسان يفعل مثل هذا كثيرا يخاطب من يتصوره في نفسه وإن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب، فلفظ التوسل بالشخص، والتوجه به، والسؤال به فيه إجمال واشتراك غلط بسببه من لم يفهم مقصود الصحابة، يراد التسبب به لكونه داعيا وشافعا مثلا، أو لكون الداعي محبا له مطيعا لأمره مقتديا به، فيكون التسبب إما بمحبة السائل له واتباعه له، وإما بدعاء الوسيلة، وإما بدعاء الوسيلة وشفاعته، ويراد به الإقسام به، والتوسل بذاته فلا يكون التوسل لا منه ولا من السائل بل بذاته أو بمجرد الإقسام به على الله، فهذا الثاني هو الذي كرهوه ونهوا عنه، وكذلك السؤال بالشيء قد يراد به المعنى الأول وهو التسبب لكونه سببا في حصول المطلوب، وقد يراد به الإقسام إلى آخر ما قال انتهى.
فإذا عرفت هذا فليس في حديث الأعمى ما يدل على التوسل به ودعائه والإلتجاء إليه بعد وفاته، وإنما فيه أنه توسل بدعائه كما كان الصحابة يتوسلون بذلك، ويسألونه الاستغفار والدعاء وقد قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] وقال تعالى حاكيا عن المنافقين {وَإِذَا