وكان عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم، واشتهر ذلك بنقل الثقات العدول المتفق على عدالتهم.
وأما قوله:"على أن من يدعي أنها خاصة بقبل الوفاة فعليه الدليل وأنى له ذلك".
فالجواب أن يقال: أما كون المجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصا بحال حياته قبل وفاته فنعم، والدليل على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن الآية نزلت في قوم معينين من أهل النفاق بدليل قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: آية 61] فإن قيل: فالآية وإن وردت في أقوام معينين في حال الحياة فإنها تعم بعموم العلة. قيل: نعم هذا حق فإنها تعم ما وردت فيه وما كان مثله فهي عامة في حق كل من ظلم نفسه، وجاء كذلك في حال حياته، وأما دلالتها على المجيء إليه في قبره فقد عرف بطلانه، يوضحه.
الوجه الثاني: أنه لو شرع لكل مذنب أن يأتي إلى قبره ليستغفر له لكان القبر أعظم أعياد المذنبين وهذه مصادمة صريحة لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تجعلوا قبري عيدا" 1.
الوجه الثالث: أن أعلم الأمة بالقرآن ومعانية وهم سلف الأمة، لم يفهم أحد منهم إلا المجيء إليه في حياته ليستغفر