كانت العرب فى أكثر شعرها تبتدىء بذكر الديار والبكاء عليها، والوجد بفراق ساكنيها، ثم إذا أرادت الخروج إلى معنى آخر قالت: فدع ذا وسلّ الهم عنك بكذا، كما قال «1» :
فدع ذا وسلّ الهم عنك بجسرة ... ذمول إذا صام النهار وهجّرا «2»
وكما قال النابغة «3» :
فسليت ما عندى بروحة عرمس ... تخبّ برحلى مرة وتناقل «4»
وربما تركوا المعنى الأول، وقالوا «وعيس أو وهو جاء» وما أشبه ذلك، كما قال علقمة «5» :
إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله ... فليس له فى ودّهنّ نصيب
وعنس بريناها كأنّ عيونها ... قوارير فى أدهانهن نصوب «6»
فإذا أرادوا ذكر الممدوح قالوا: إلى فلان، ثم أخذوا فى مديحه؛ كما قال علقمه «7» :
وناجية أفنى ركيب ضلوعها ... وحاركها تهجّر ودءوب «8»
وتصبح عن غبّ السرى وكأنها ... مولّعة تخشى القنيص شبوب «9»