جعلت يدى وشاحا له ... وبعض الفوارس لا تعتنق

فقوله: جعلت يدى وشاحا تمثيل. وقول زهير «1» :

ومن يعص أطراف الزّجاج فإنه ... يطيع العوالى ركبت كل لهذم «2»

أراد أن يقول: من أبى الصلح رضى بالحرب، فعدل عن لفظه، وأتى بالتمثيل؛ فجعل الزّج للصلح؛ لأنه مستقبل «3» فى الصلح، والسنان للحرب لأن الحرب به يكون؛ وهذا مثل قولهم: من عصى الصوت أطاع السيف، ومنه قول امرىء القيس «4» :

وما ذرفت عيناك إلّا لتضربى ... بسهميك فى أعشار «5» قلب مقتّل

فقال: بسهميك، وأراد العينين. وقال العباس بن مرداس «6» :

كانوا أمام المؤمنين درّية ... والشمس يومئذ عليهم أشمس

أراد تلألؤ البيض فى الشمس، فكأن على كل رأس شمسا، وقال قدامة: من أمثلة هذا الباب قول الشاعر «7» :

أوردتهم وصدور العيس مسنفة «8» ... والصّبح بالكوكب الدّرىّ منحور

وقال: قد أشار إلى الفجر إشارة إلى طريقه بغير لفظه. وليس فى هذا البيت إشارة إلى الفجر، بل قد صرّح بذكر الصبح، وقال: هو منحور بالكوكب الدرّى، أى صار فى نحره، ووضع هذا البيت فى باب الاستعارة أولى منه فى باب المماثلة.

مما عيب فى المماثلة

ومما عيب من هذا الباب قول أبى تمام:

أنت دلو وذو السّماح أبو ... موسى قليب وأنت دلو القليب

أيها الدّلو لا عدمتك دلوا ... من جياد الدّلاء صلب الصّليب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015