الاستعارة: نقل العبارة عن موضع استعمالها فى أصل اللغة إلى غيره لغرض، وذلك الغرض إما أن يكون شرح المعنى وفضل الإبانة عنه، أو تأكيده والمبالغة فيه، أو الإشارة إليه بالقليل من اللفظ، أو تحسين المعرض الذى يبرز فيه؛ وهذه الأوصاف موجودة فى الاستعارة المصيبة؛ ولولا أن الاستعارة المصيبة تتضمّن ما لا تتضمنه الحقيقة؛ من زيادة فائدة لكانت الحقيقة أولى منها استعمالا.
والشاهد على أن للاستعارة المصيبة من الموقع ما ليس للحقيقة أن قول الله تعالى:
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ
أبلغ وأحسن وأدخل مما قصد له من قوله لو قال: يوم يكشف عن شدة الأمر، وإن كان المعنيان واحدا؛ ألا ترى أنك تقول لمن تحتاج إلى الجد فى أمره: شمّر عن ساقك فيه، واشدد حيازيمك له؛ فيكون هذا القول منك أوكد فى نفسه من قولك: جدّ فى أمرك، وقول دريد بن الصمة «1» :
كميش الإزار خارج نصف ساقه ... صبور على العزّاء طلّاع أنجد «2»
وقال الهذلىّ «3» :
وكنت إذا جارى دعا لمضوفة ... أشمّر حتى ينصف الساق مئزرى
ومن ذلك قوله تعالى: وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً
، وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا
؛ وهذا أبلغ من قوله سبحانه: وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً
؛ وإن كان فى قوله: ولا يظلمون شيئا أنفى لقليل الظلم وكثيره فى الظاهر. وكذا قوله تعالى: ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ