فعلى هذا جائز ما يدّعى لهم؛ والظاهر ما قلناه؛ فهذا ضرب.
والضرب الآخر من الأخذ المستهجن أن يأخذ المعنى فيفسده أو يعوصه، أو يخرجه فى معرض قبيح وكسوة مسترذلة، وذلك مثل قول أبى كريمة:
قفاه وجه، ثم وجه الذى ... قفاه وجه يشبه البدرا
وإنّما أخذ هذا من قول أبى نواس «1» :
بأبى أنت من مليح بديع ... بذّ حسن الوجوه حسن قفاكا
وأحسن ابن الرومى فيه فقال:
ما ساءنى إعراضه ... عنّى ولكن سرّنى
سالفتاه عوض ... من كلّ شىء حسن
وإليه أشار عبد الصمد بن المعذّل فى قوله:
لمّا رأيت البدر فى ... أفق السّماء وقد تعلّى
ورأيت قرن الشّمس فى ... أفق الغروب وقد تدلّى
شبّهت ذاك وهذه ... وأرى شبيههما أجلّا
وجه الحبيب إذا بدا ... وقفا الحبيب إذا تولّى
وأخذه أبو نواس من قول النابغة «2» للنعمان بن المنذر: أيفاخرك ابن جفنة! واللات، لأمسك خير من يومه، ولقذالك أحسن من وجهه، وليسارك أسمح من يمينه، ولعبيدك أكثر من قومه، ولنفسك أكبر من جنده، وليومك أشرف من دهره، ولو عدك أنجز من رفده، ولهزلك أصوب من جدّه، ولكرسيّك أرفع من سريره، ولفترك أبسط من شبره، ولأمّك خير من أبيه.