وقوله تعالى: وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ
وإنما ذكر الساكن ولم يذكر المتحرّك؛ لأنّ سكون الأجسام الثقيلة مثل الأرض والسماء فى الهواء من غير علاقة ودعامة أعجب وأدلّ على قدرة مسكنها.
وقوله عز وجل: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ
فجمع جميع مكارم الأخلاق بأسرها؛ لأنّ فى العفو صلة القاطعين، والصفح عن الظالمين، وإعطاء المانعين، وفى الأمر بالعرف تقوى الله وصلة الرّحم، وصون اللسان عن الكذب، وغضّ الطّرف عن الحرمات، والتبرّؤ من كل قبيح؛ لأنه لا يجوز أن يأمر بالمعروف وهو يلابس شيئا من المنكر؛ وفى الإعراض عن الجاهلين الصّبر والحلم وتنزيه النفس عن مقابلة السفيه بما يوتغ «1» الدين ويسقط القدرة.
وقوله تعالى: أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها
؛ فدلّ بشيئين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للناس، من العشب والشجر والحطب واللباس والنّار والملح والماء؛ لأنّ النار من العيدان، والملح من الماء، والشاهد على أنّه أراد ذلك كلّه قوله تعالى: مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ.
وقوله تعالى: يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ
، فانظر هل يمكن أحدا من أصناف المتكلمين إيراد هذه المعانى فى مثل هذا القدر من الألفاظ.
وقوله عزّ وجلّ: وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ
جمع الأشياء كلها حتى لا يشذّ منها شىء على وجه.
وقوله تعالى: وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ
جمع فيه من نعم الجنة ما لا تحصره الأفهام، ولا تبلغه الأوهام.