وقيل للفرزدق: ما صيّرك إلى القصائد القصار بعد الطوال؟ فقال: لأنى رأيتها فى الصدور أوقع، وفى المحافل أجول.
وقالت بنت الحطيئه لأبيها: ما بال قصارك أكثر من طوالك؟ فقال: لأنها فى الآذان أولج، وبالأفواه أعلق. وقال أبو سفيان لابن الزبعرى: قصرت فى شعرك؟
فقال: حسبك من الشّعر غرّة لائحة، وسمة واضحة.
وقيل للنابغة الذبيانى: الا تطيل القصائد كما أطال صاحبك ابن حجر؟ فقال:
من انتحل انتقر «1» .
وقيل لبعض المحدثين: مالك لا تزيد على أربعة واثنين؟ قال: هنّ بالقلوب أوقع، وإلى الحفظ أسرع، وبالألسن أعلق، وللمعانى أجمع، وصاحبها أبلغ وأوجز.
وقيل لابن حازم: ألا تطيل القصائد؟ فقال:
أبى لى أن أطيل الشعر قصدى ... إلى المعنى وعلمى بالصّواب
وإيجازى بمختصر قريب ... حذفت به الفضول من الجواب
فأبعثهنّ أربعة وستّا ... مثقفة بألفاظ عذاب
خوالد ما حدا ليل نهارا ... وما حسن الصّبا بأخى الشّباب
وهنّ إذا وسمت بهنّ قوما ... كأطواق الحمائم فى الرّقاب
وكنّ إذا أقمت مسافرات ... تهاداها الرّواة مع الرّكاب «2»
وقال أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه: ما رأيت بليغا قطّ إلّا وله فى القول إيجاز، وفى المعانى إطالة.
وقيل لإياس بن معاوية: ما فيك عيب غير أنك كثير الكلام. قال: أفتسمعون صوابا أم خطأ؟ قالوا: بل صوابا. قال: فالزيادة من الخير خير. وليس كما قال؛ لأنّ للكلام غاية؛ ولنشاط السامعين نهاية؛ وما فضل عن مقدار الاحتمال دعا إلى