فكمّلت مائة فيها حمامتها ... وأسرعت حسبة فى ذلك العدد
فحسبوه فألفوه كما حسبت ... تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
فهذا أجود ما يذكر فى هذا الباب، وأصعب ما رامه شاعر منه؛ لأنه عمد إلى حساب دقيق، فأورده مشروحا ملخّصا، وحكاه حكاية صادقة. ولمّا احتاج إلى أن يذكر العدد والزيادة والثّمد بنى الكلام على قافية فاصلة الدال فسهل عليه طريقه، واطّرد سبيله.
ومثل ذلك ما أتاه البحترى فى القصيدة التى أولها»
:
هاج الخيال «2» لنا ذكرى إذا طافا ... وافى يخادعنا والصبح قد وافى
وكان قد احتاج إلى ذكر الآلاف، والإسعاف، والأضعاف، والإسراف، وترك الاقتصار على الأنصاف؛ فجعل القصيدة فائية؛ فاستوى له مراده وقرب عليه مرامه، وهو قوله «3» :
قضيت عنى ابن بسطام صنيعته ... عندى وضاعفت ما أولاه أضعافا
وكان معروفه قصدا إلىّ «4» وما ... جازيته عنه تبذيرا وإسرافا
مئون عينا تولّيت الثّواب بها ... حتى انثنت لأبى العباس آلافا
قد كان يكفيه ممّا قدّمت يده ... ربّا «5» يزيد على الآحاد أنصافا
ولا ينبغى أن يكون لفظك وحشيا بدويا، وكذلك لا يصلح أن يكون مبتذلا سوقيا.
أخبرنا أبو أحمد عن مبرمان عن أبى جعفر بن القتبى عن أبيه، قال، قال خلف الأحمر: قال شيخ من أهل الكوفة: أما عجبت أن الشاعر قال: «أنبت قيصوما