أخرج إلي من كتبه كتابا كذا. وكذا أنتسخه ما دام هو غير حاضر فإذا حضر قرأته عليه. فقال الخازن: أما أنا فلا أجترئ على مثل هذا، ولكن هذه المفاتيح إن شئت أنت فخذها وافعل ذلك فأخذها الفقيه أبو عمران وفتح وأخرج ما أراد فسمع الشيخ أبو ذر بالسراة بالأمر فركب وطرق على مكة وأخذ كتبه وأقسم ألا يحدثه. فلقد أخذت أن أبا عمران كان بعد ذلك إذا حدث عن أبي ذر شيئا مما كان حدثه قبل يورى عن اسمه ويقول: أخبرني أبو عيسى. وذلك أن أبا ذر كان تكنيه العرب بأبي عيسى، لأنه كان له ابن يسمى عيسى، والعرب إنما تكني الرجل باسم ابنه.
وذكره أبو القاسم حاتم بن محمد وقال: لقيته بالقيروان في رحلتي سنة اثنتين وأربع مائة. وكان من أحفظ الناس وأعلمهم، وكان قد جمع حفظ المذهب المالكي، وحفظ حديث النبي عليه السلام والمعرفة بمعانيه. وكان يقرئ القرآن بالسبعة ويجودها مع المعرفة بالرجال والمعدلين منهم والمجرحين. رحل على بغداد وحج حججاً تركته حياً وعاش بعدوة على أن توفي سنة تسع وعشرين وأربع مائة.
قال أبو عمرو المقرئ: توفي لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة ثلاثين وأربع مائة. وهو ابن خمس وستين سنة. قال أبو عمر بن عبد البر: ولدت مع أبي عمران في عامٍ واحدٍ سنة ثمان وستين وثلاث مائة.
قدم الأندلس تاجرا سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة. وذكره الخزرجي وقال: كان صحيح العقل وقورا حسن الفهم، فصيحا جميل الخط على هيئة بلده من أهل السنة، وذا حظٍّ صالح من الحديث والفقه، حملني إليه أبو بكر بن الميراثي شيخي لمعرفته به في بلده، فسمعت عليه بعض رواياته، وأجاز لي سائرها بخطه في التاريخ.
قدم قرطبة واستوطن بها مع أبي القاسم بن أبي يزيد النسابة المصري. من شيوخه الحسن بن رشيق، والقاضي أبو الظاهر، وأبو الحسن بن حيوية وغيرهم، حدث عنه الخولاني وقال: أجاز لي روايته بقرطبة سنة سبع وتسعين وثلاث مائة.