عبد العزيز التونسي الزاهد؛ يكنى: أبا محمد.
أخذ عن أبي عمران الفاسي الفقيه، وأبي إسحاق التونسي وغيرهما. ومال إلى الزهد والتقشف. وسكن مالقة وغيرها من بلاد الأندلس، واستقر أخيرا بأغمات، ودرس الناس الفقه عليه، ثم تركه لما رآهم نالوا بذلك الخطط والعمالات وقال: صرنا بتعليمنا لهم كبائع السلاح من اللصوص. وكان ورعا متقللا من الدنيا، هاربا عن أهلها. وتوفي رحمه الله بأغمات سنة ستٍ وثمانين وأربع مائة. أفادنيه القاضي أبو الفضل وكتبه لي بخطه.
من اسمه عبد الصمد: عبد الصمد بن موسى بن هذيل بن محمد بن تاجيت البكري: قاضي الجماعة بقرطبة؛ يكنى: أبا جعفر.
روي عن أبيه، وعن أبي القاسم حاتم بن محمد وغيرهما. وناظر عند أبي عمر بن القطان الفقيه، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر وتقلد القضاء بقرطبة بعد أبي بكر ابن أدهم.
وكان قبل ذلك مشاورا في الأحكام بقرطبة. وكان له حظٌ من الفقه ومعرفة جيدة بالشروط، وله فيها مختصر حسن بأيدي الناس. وكان من أهل الفضل والمشاركة وحفظ العهد. وكان يؤم الناس في مسجده ويلتزم الأذان فيه. واستمر على ذلك مدة قضائه. وكان وقورا مسمتا متصاوتا من بيته علم ونباهة وفضل وجلالة، ثم صرف عن القضاء ولزم بيته إلى أن هلك على أجمل أحواله يوم الأربعاء أول يوم من ربيع الآخر من سنة خمسٍ وتسعين وأربع مئة من غير علة دارت عليه. ودفن يوم الأربعاء بمقبرة ابن عباس مع سلفه وصلى عليه ابنه أبو الحسن وبلغ من السن نحو السبعين عاماً. وكان مولده سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مئة.