كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف.
وفي لفظ: وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.
فوجه الدلالة أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم؛ وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل مكروه؛ ومن استقرأ علامات النفاق في السنة وجدها إما ترك فريضة أو فعل محرم, وقد أكد هذا المعنى بقوله: من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن.
وسمى تاركها المصلي في بيته متخلفا تاركا للسنة التي هي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان عليها وشريعته التي شرعها لأمته, وليس المراد بها السنة التي من شاء فعلها ومن شاء تركها, فإن تركها لا يكون ضلالا ولا من علامات النفاق كترك الضحى وقيام الليل وصوم الإثنين والخميس.
الدليل الثامن: ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمام ة أقرؤهم". ووجه الاستدلال به أنه أمر بالجماعة وأمره على الوجوب.
الدليل التاسع: أنه صلى الله عليه وسلم أمر من صلى وحده خلف الصف أن يعيد الصلاة, فروى وابصة بن معبد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة, رواه الإمام أحمد مسند وأهل السنن وأبو حاتم ابن حبان في صحيحه وحسنه الترمذي.
وعن علي بن شيبان قال: خرجنا حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا خلفه ثم صلينا وراءه صلاة أخرى فقضى الصلاة, فرأى رجلا فردا خلف