المسلمين وهو محجوج بهم مأمور باتباعهم. فخالف هذا الظاهري طريق النظر والاعتبار وشذ عن جماعة علماء الأمصار. ولم يأت فيما ذهب إليه من ذلك بدليل يصح في العقول.
ومن الدليل على أن الصلاة تصلى وتقضى بعد خروج وقتها كالصيام سواء وإن كان إجماع الأمة الذين أمر من شذ عنهم بالرجوع إليهم وترك الخروج عن سبيلهم يغني عن الدليل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح". ولم يستثن متعمدا من ناس, ونقلت الكافة عنه صلى الله عليه وسلم أن من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل الغروب صلى تمام صلاة العصر بعد الغروب وذلك بعد خروج الوقت عند الجميع. ولا فرق بين عمل صلاة العصر كلها لمن تعمد أو نسي أو فرط وبين عمل بعضها في نظر ولا اعتبار ودليل آخر وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يصل هو ولا أصحابه يوم الخندق صلاة الظهر والعصر حتى غربت الشمس لشغله بما نصبه المشركون من الحرب ولم يكن يومئذ نائما ولا ناسيا ولا كانت بين المسلمين والكافرين يومئذ حرب قائمة ملتحمة وصلى الظهر والعصر بالليل, ودليل آخر أيضا وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بالمدينة لأصحابه يوم انصرافه من الخندق: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة". فخرجوا مبادرين وصلى بعضهم العصردون بني قريظة خوفا من خروج وقتها المعهود ولم يصلها بعضهم إلا في بني قريظة بعد غروب الشمس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة" فلم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من الطائفتين ناس ولا نائم وقد أخر بعضهم الصلاة حتى خرج وقتها ثم صلاها وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلم يقل لهم إن الصلاة لم تصل في وقتها ولا تقضى بعد خروج وقتها.
ودليل آخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "سيكون بعدي أمراء يؤخرون الصوات عن ميقاتها