وطلوع الشمس صحيحا مطلقا لكان مدركا سواء أدرك ركعة أو اقل من ركعة أو لم يدرك منها شيئا؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم يرد أدرك ركعة صحت صلاته بلا إثم إذ لاخلاف بين الأمة أنه لا يحل له تأخيرها إلى أن يضيق وقتها عن كمال فعلها, وإنما أراد بالإدراك الصحة والإجزاء. وعندكم تصح وتجزيء ولو أدرك منها قدر تكبيرة أو لم يدرك منها شيئا. فلا معنى للحديث عندكم البتة.
قالوا: والله سبحانه قد جعل لكل صلاة وقتا محدودا الأول والآخر. ولم يأذن في فعلها قبل دخول وقتها ولا بعد خروج وقتها. والمفعول قبل الوقت وبعده أمر غير مشروع. فلو كان الوقت ليس شرطا في صحتها لكان لا فرق في الصحة بين فعلها قبل الوقت وبعده؟ لأن كلا الصلاتين صلاها في غير وقتها فكيف قبلت من هذا المفرط بالتفويت ولم تقبل من المفرط بالتعجيل؟.
قالوا: والصلاة في الوقت واجبة على كل حال. حتى أنه يترك جميع الواجبات والشروط لأجل الوقت. فإذا عجز عن الوضوء أو الاستقبال أو طهارة الثوب والبدن وستر العورة أو قراءة الفاتحة أو القيام في الوقت وأمكنه أن يصلي بعد الوقت بهذه الأمور فصلاته في الوقت بدونها هي التي شرعها الله فعلم أن الوقت مقدم عند الله ورسوله على جميع الواجبات. فإذا لم يكن إلا أحد الأمرين وجب أن يصلي في الوقت بدون هذه الشروط والواجبات. ولوكان له سبيل إلى استدراك الصلاة بعد خروج وقتها لكان صلاته بعد الوقت مع كمال الشروط والواجبات خيرا من صلاته في الوقت بدونها وأحب إلى الله. وهذا باطل بالنص والاجماع.
وقالوا أيضا: فقد توعد الله سبحانه من فوت الصلاة عن وقتها بوعيد التارك لها. قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} , وقد فسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم السهو عنها بأنه تأخيرها عن وقتها كما ثبت ذلك عن سعد بن أبي وقاص. وفيه حديث مرفوع. وقال تعالى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} وقد فسر الصحابة والتابعون إضاعتها بتفويت وقتها والتحقيق أن إضاعتها تتناول تركها