"لن يشاد الدين أحدا إلا غلبه". وقال: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق". فالدين كله في الاقتصاد في السبيل والسنة. والله تعالى يحب ما دوام عليه العبد من الأعمال, والصلاة القصد هي التي يمكن المداومة عليها دون المتجاوزة في الطول.
فصل
قال المكملون للصلاة أهلا وسهلا بكل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعينين وهل ندندن إلا حول الاقتداء به ومتابعة هديه وسنته ولا نضرب سنته بعضها ببعض ولا نأخذ منها ما سهل ونترك منها ما شق علينا لكسل وضعف عزيمة واشتغال بدنيا قد ملأت القلوب وملكت الجوارح وقرت بها العيون, بدل قرتها بالصلاة فصارت أحاديث الرخصة في حقها شبهة صادفت شهوة وفتورا في العزم وقلة رغبة في بذل الجهد في النصحية في الخدمة واستسهلت حق الله تعالى، وجعلت كرمه وغناه من أعظم شبهاتها في التفريط فيه وإضاعته وفعله بالهوينا تحلة القسم. ولهجت بقولها: ما استقصى كريم حقه قط. وبقولها: حق الله مبني على المسامحة والمساهلة والعفو, وحق العباد مبني على الشح والضيق والاستقصاء فقامت في رحمة المخلوقين كأنها على الفرش الوثيرة والمراكب الهينة وقامت في حق رحمة ربها وفاطرها كأنها على الجمر المحرق تعطيه الفضلة من قواها وزمانها وتستوفي لأنفسها كمال الحظ ولم تحفظ من السنة إلا: "أفتان أنت يا معاذ"؟ , "أيها الناس إن منكم منفرين".
ووضع الحديث موضعه ولم تتأمل ما قبله وما بعده ومن لم تكن قرة عينه في الصلاة ونعيمه وسروره ولذته فيها وحياة قلبه وانشراح صدره فإنه لا يناسبه إلا هذا الحديث وأمثاله بل لا يناسبه إلا صلاة السراق والنقارين, فنقرة الغراب أولى به من استفراغ وسعه في رحمة رب الأرباب, وحديث "أفتان أنت يامعاذ" , الذي لم يفهمه أولى به من حديث: "كانت صلاة الظهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي أهله فيتوضأ ثم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى" وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم الصبح بالمعوذتين وكان هذا في السفر أولى به من حديث صلاته في الحضر بمئة آية إلى مئتين, وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم