أبو داود وسكت عنه, وهذا يدل على أنه حسن عنده. قالوا: وهذا يدل على أن الذي أنكره أنس من تغيير الصلاة هو شدة تطويل الأئمة لها, وإلا تناقضت أحاديث أنس, ولهذا جمع بين الإيجاز والإتمام.

وقوله: ما صليت وراء إمام أخف صلاة ولا أتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر في إنكاره التطويل, وقد جاء هذا مفسرا عن أنس نفسه, فروى النسائي من حديث العطاف بن خالد عن زيد بن أسلم قال: دخلنا على أنس بن مالك فقال: أصليتم؟ فقلنا: نعم. قال: يا جارية هلمي لي وضوءا ما صليت وراء إمام قط أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا.

قال زيد: وكان عمر بن عبد العزيز يتم الركوع والسجود ويخفف القيام.

وهو حديث صحيح, وقد صرح به عمران بن الحصين لما صلى خلف علي بالبصرة قال عمران لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم معتدلة, كان يخفف القيام والقعود, ويطيل الركوع والسجود, وهو حديث صحيح.

وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لمعاذ لما طول بقومه في العشاء الآخرة: "أفتان أنت" أو قال: " أفاتن أنت"؟ ثلاث مرات, فلولا صليت بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} . {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ؛ فإنه يصلي وراءك الكبير والصغير والضعيف وذو الحاجة". وعن معاذ بن عبد الله الجهني أن رجلا من جهينة أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} في الركعتين كلتيهما, فلا أدري سها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا, رواه أبو داود.

وفي صحيح مسلم عن عمرو بن حريث أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} , وعن عقبة بن عامر قال: كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته فقال لي: "ألا أعلمك سورتين لم يقرأ بمثلهما"؟ قلت: بلى, فلعمني: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} . و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} . فلم يرني أعجب بهما. فلما نزل للصبح قرأ بهما ثم قال: "كيف رأيت يا عقبة"؟ .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015