ففي الصحيحن من حديث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجز الصلاة ويكملها، وفي الصحيحين أيضا قال: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم زاد البخاري: وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه, فوصف صلاته صلى الله عليه وسلم بالإيجاز والتمام. والإيجاز هو الذي كان يفعله, لا الإيجاز الذي كان يظنه من لم يقف على مقدار صلاته؛ فإن الإيجاز أمر نسبي إضافي راجع إلى السنة لا إلى شهوة الإمام ومن خلفه, فلما كان يقرأ في الفجر بالستين إلى المئة كان هذا الإيجاز بالنسبة إلى ست مئة إلى ألف, ولما قرأ في المغرب بالأعراف كان هذا الإيجاز بالنسبة إلى البقرة.

ويدل على هذا أن أنسا نفسه قال في الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن إبراهيم بن كيسان حدثني أبي عن وهب بن مانوس سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز. فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات. وأنس أيضا هو القائل في الحديث المتفق عليه: إني لا ألو أن أصلى بكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا.

قال ثابت: كان أنسا يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول القائل قد نسي وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي. وأنس هو القائل هذا. وهو القائل: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه لا يكذب بعضه بعضا. ومما يبين ما ذكرناه ما رواه أبو داود في سننه من حديث حماد بن سلمة أخبرنا ثابت وحميد عن أنس بن مالك قال: ما صليت خلف رجل أوجز صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يكبر ثم يسجد وكان يباعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم. هذا سياق حديثه. فجمع أنس رضي الله عنه في هذا الحديث الصحيح بين الإخبار بإيجازه صلى الله عليه وسلم الصلاة وإتمامها وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015