الصفديه (صفحة 549)

محدث وهو ممتنع وإن قيل بالتسلسل لزم تسلسل المؤثرات وهو ممتنع فلا بد أن ننتهي إلى الخالق.

وهذا مما يسلمه الفلاسفة ويحتجون به على المعتزلة فهي حجة عليهم هنا وهو أن يقال كون الفلك متحركا لا بد له من محدث لحركته ونفس التشبه به لا يوجب إحداثا للحركة فيجب أن يكون هو المحدث لها ويمتنع أن يكون محدثا للشيء قبل حدوثه فيجب أن يكون محدثا لكل جزء جزء من الحركة عند حدوثه والفلك مستلزم للحوادث فلا بد له في كل آن من يحدث الحادث فيه ويمتنع في القدم إحداث حادث فيه فيمتنع قدمه لأن القدم لا يكون فيه حادث معين ولا جملة الحوادث بل القدم يتضمن أنه دائم بدوام موجبه فيلزم أن يكون موجبه موجبا لحوادثه شيئا بعد شيء والموجب بذاته المستلزم لمعلوله لا يوجب شيئا بعد شيء بل يكون موجبه لازما له دائما ولأن ذلك يستلزم وجود يتغير يقتضي لزوم ما يتغير بما لا يتغير وكونه مفعولا له وهو ممتنع.

وأيضا فإذا كانت حركات الأفلاك اختيارية ولا موجب للحوادث إلا هي لزم أن يكون المدبر للعالم أربابا متعددة كل منها حي قادر مريد وقدماؤهم يسمونها الآلهة والأرباب وهذا ممتنع لأن الاثنين إذا اشترطا فإما أن يجب اتفاقهما أو يجوز اختلافهما فإن وجب اتفاقهما بحيث لا يجوز أن يريد أحدهما إلا ما يريد الآخر ولا يقدر أن يريد ويفعل إلا ما يريده الآخر ويفعله فقدرتهما إما أن تكون من غيرهما وإما أن تكون منهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015