الصفديه (صفحة 541)

وإن كان الفلك واجبا بنفسه ليس له مبدع لزم أن يكون واجب الوجود بنفسه مفتقرا إلى علة تحركه لا سيما وقد قالوا إنه لا قوام له إلا بالمحرك الأول وما كان كذلك كان مفتقرا إلى غيره لا واجبا بنفسه فإن الواجب بنفسه لا بد أن يكون غنيا عن غيره فإذا جعلوه واجبا بنفسه مفتقرا إلى غيره فقد جمعوا بين النقيضين وإذا كان مفتقرا إلى غيره لزم أن يكون مربوبا مدبرا فيلزم النوع الأول.

وأيضا فإن كان واجب الوجود لزم أن يجوز على واجب الوجود الحركة باختياره وإذا كان كذلك فقولوا هذا في الأول ولا حاجة إلى هذا.

وأيضا فيلزم أن يكون الواجب الوجود جسما متحيزا تقوم به الحوادث وحينئذ فلا يمتنع أن يكون الأول كذلك.

وأيضا فقد قلتم: إن الثابت لا يلزم عنه أمر غير ثابت والأول ثابت وحركة الفلك غير ثابتة وإرادته وتصوراته غير ثابتة فيجب أن لا تكون لازمة عن الأول فلا يكون الأول علة بحال.

ومما يبين هذا أن يقال: حركة الفلك سواء كانت إرادية أو غير إرادية لا بد لها من علتين علة فاعلة وعلة غائية كسائر الحركات وأنتم لم تثبتوا لها لا علة فاعلة ولا علة غائية فإن ما ذكرتموه من الغاية يمتنع أن يكون مقصود العاقل الذي لا يزال يدور من الأزل إلى الأبد.

وأيضا فيقال: إذا كان الحادث لا بد له من علة حادثة فأن تكون العلة مع المعلول لا يجوز أن تتقدم عليه بدون المعلول ولا أن تتأخر عنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015