بل حقيقة قولهم في تمام الماهية وجزء الماهية ولازم الماهية يرجع في المعنى إلى دلالة المطابقة والتضمن والالتزام فما قصده الإنسان بلفظ كان تمام ذلك مراده وتمام معناه وتمام الماهية القائمة في ذهنه التي عبر عنها بذلك اللفظ وما كان جزء ذلك المعنى وهو المدلول عليه بالتضمن وهو جزء ما أراده وجزء ما قام بنفسه من تلك الماهية وما كان لازما لمدلول اللفظ كان خارجا عن المدلول لازما له وهو خارج عن تلك الماهية القائمة في نفسه لازم لها.
وهذا الموضع قد بسط في الكلام على المنطق بسطا ليس هذا موضعه وإنما الغرض التنبيه فمن حقق كلامهم في الصفات الذاتية المقومة الداخلة في الماهية والصفات اللازمة الخارجة عن الماهية ورأى كتبهم الكبار المبسوطات في هذا الباب وأعطى النظر العقلي حقه ولم يسلم عبارات لم يحقق معناها تبين له أن ما يذكرونه من الفرق بين الذاتي والعرضي اللازم وما يذكرونه من تركيب الحقيقة من الجنس والفصل وأن هذا هو الذاتي المشترك وهذا هو الذاتي المميز والمركب منهما هو النوع وأن العرضي المشترك هو العرض العام والعرضي المميز هو الخاصة وإنما يعود هذا إلى أمور اعتبارية وهو تركب في الذهن لا تركب في الخارج وذلك يتبع ما يتصوره الإنسان ويعبر عنه لا يتبع الحقائق في نفس الأمر فمن تصور حيوانا ناطقا فالأول ذاتي مشترك والثاني ذاتي مميز والضاحك خارج عما تصوره ومن تصور حيوانا ضاحكا كان الأمر بالعكس فالضاحك في تصور هذا ذاتي والناطق خارج عن الذات.