الصفديه (صفحة 473)

حيث يقول: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى} (سورة طه 11) بل ما زال مناديا له في الأزل ولكن تجدد سماع موسى لذلك النداء.

وطائفة قالت: بل نوع الكلام حادث بعد أن لم يكن إما حادثا في غيره فيكون مخلوقا وإما في نفسه فيكون حادثا أو محدثا غير مخلوق وقال هؤلاء لم يكن في الأزل متصفا بأنه متكلما إلا إذا فسروا المتكلم بالقادر على الكلام ثم كان تفسيره بهذا مع امتناع الكلام في الأزل جمع بين النقيضين بل لم يزل عندهم غير متكلم ويمتنع عندهم أن يكون لم يزل متكلما إذا شاء.

والسلف والأئمة قالوا: لم يزل الله متكلما إذا شاء فالفرق بين دوام النوع وقدمه ودوام الشيء المعين وقدمه يكشف الحجاب عن الصواب في هذا الباب الذي اضطرب فيه أولو الألباب والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

وليس للفلاسفة حجة تعارض هذا القول ولكن حجتهم تقتضي دوام فاعلية الرب وأن الفعل ولازمه الذي هو تقرير الفعل المسمى بالزمان لا أول له وأن إمكان حدوث الحوادث لا أول له وإمكان تأثير الرب فيها لا أول له وهذا كله يقتضي دوام نوع الفعل لا دوام فعل معين.

وقد تقدم بيان أن قولهم يقدم العالم عن العلة التامة باطل قطعا وأن العلة التامة لا يجوز تأخر شيء من معلولها عنها بل وجود علة تامة لم تزل مقارنة لمعلول ممتنع ويمتنع أن يكون المقارن في الزمان مفعولا للفاعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015