الصفديه (صفحة 471)

افتقرت إلى أخرى ولزم التسلسل وكونه محلا للحوادث وإن كانت قديمة لزم قدم الأثر فإن لازم هذا الدليل ليس بممتنع عندهم وعند السلف وجمهور أهل الحديث وهو كون القديم تقوم به الحوادث المتسلسلة ثم إن كان هذا ممتنعا لزم حدوث الأفلاك فبطلت الحجة الدالة على قدمها وإن لم يكن ممتنعا بطلت الحجة فهي باطلة على التقديرين وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.

والمقصود هنا التنبيه على أنه لا حجة لهم تدل على قدم شيء من العالم ولكن الذين ناظروهم من الجهمية والمعتزلة ومن اتبعهم جعلوا نوع فعله ومفعوله محصور الابتداء والانتهاء كما قاله الجهم بن صفوان وأبو الهذيل إماما هاتين الطائفتين أو جعلوه ممتنع الدوام في الابتداء دون الانتهاء كما قال ذلك كثير من أتباعهما وجعلوا الرب يمتنع عليه الكلام باختياره في الأزل ويمتنع عليه الفعل الاختياري في الأزل بل جعلوه غير قادر على الكلام والفعل في الأزل كما يقوله المعتزلة والكرامية أو غير قادر على الفعل في الأزل ولا قادر على الكلام لا في الأزل ولا فيما يزال كما يقوله الكلابية والأشعرية والسالمية بل الكلام عندهم كالحياة لا يوصف بأنه قادر عليه ولا أنه يتكلم بمشيئته وقدرته واختياره.

وكثير من هؤلاء يقول إن العالم يعدم بالكلية فلا يبقى الرب فاعلا لشيء كما لم يكن قبل ذلك على قولهم وهو فناء هذا العالم عندهم ويقول إن ذلك دل عليه السمع والعقل ومنهم من يقول بل دل عليه السمع وإن إعادة الله للعالم هو بأن يعدمه بالكلية ثم يعيد العالم الذي كان أعدمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015