وأما التسلسل في الآثار فهذا فيه قولان معروفان للناس أحدهما منعه كقول كثير من أهل الكلام والفلسفة وأهل الحديث.
والثاني: جوازه كما هو قول كثير من أهل الحديث والكلام والفلسفة.
وحينئذ فهؤلاء يقولون بجواز هذا التسلسل وأن كل ما سوى الله مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن سواء قالوا بقدم نوع الفعل اللازم أو نوع الفعل اللازم والمتعدي فعلى التقديرين يمكن أن يكون كل ما سوى الله مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن مسبوق بالعدم والرب فاعل بمشيئته وقدرته سائر الأشياء.
وليس للفلاسفة حجة تعارض هذا القول أصلا إذ ليس لهم حجة تقتضي قدم الأفلاك والعناصر ولا قدم شيء من العالم أصلا بل جميع ما يحتجون به إنما يدل على دوام كون الرب فاعلا سواء في ذلك الحجج العائدة إلى الفاعل والمادة والصورة والغاية وغير ذلك فالأولى مثل قولهم إن كونه فاعلا أمر لازم لنفسه لأنه لو كان عارضا لهذا لاقتضى حدوث ما يجعله كذلك وذلك لا يكون إلا فعلا له ولا يكون عارضا لما تقدم فلا بد أن يكون كونه فاعلا من لوازمه ذاته.
وكذلك قولهم: هو جواد وعلة جوده ذاته ونحو ذلك فإن هذا يدل على كون نوع الفعل من لوازمه لا على فعل معين ولا مفعول معين فليس في ذلك ما يدل على قدم السموات ولا مادة السموات ولا غير ذلك من أصناف العالم بل هذا دل على أنه لا يلزمه عين الفعل إذ لو