ومما يذكر عن حافظته قول الخطيب: وحدّثني الأزهري قال: بلغني أن الدَّارقطني حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار وقعد ينسخ جزءًا والصفار يُملي فقال رجل: لا يصح سماعك وأنت تنسخ؟ فقال: فهمي للإملاء خلاف فهمك، أتحفظ كم أملى الشيخ؟ قال: لا أدري. قال: أملى ثمانية عشر حديثًا الحديث الأول: عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا وكذا. والثاني: عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا وكذا، ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها، فتعجب الناس منه. وكان عبد الغني إذا ذكر الدَّارقطني قال: أستاذي.
وقال الخطيب في ترجمة الدَّارقطني أيضًا: سألتُ البرقاني: هل كان أبو الحسن يُملي عليك العلل من حفظه؟ قال: نعم، وأنا الذي جمعتها وقرأها الناس من نسختي.
وإذا شئت أن تتبين براعة هذا الإمام الفرد فطالع العلل له فإنك تندهش ويطول تعجبك1.
ثناء العلماء عليه:
قال الخطيب: سمعتُ القاضي أبا الطيب الطبري، يقول: الدَّارقطني أمير المؤمنين في الحديث. وما رأيت حافظًا ورد بغداد إلا مضى إليه وسلّم له، يعني فسلّم له التقدمة في الحفظ وعلو المنزلة