لنا لنعرفه بها ونؤمن بحقائقها وننفي عنها التشبيه ولا نعطلها بالتحريف والتأويل. ولا فرق بين الاستواء والسمع، ولا بين النزول والبصر، الكل ورد فيه النص.

فإن قالوا لنا في الاستواء: شبهتم. نقول لهم: في السمع شبهتم، ووصفتم ربكم بالعرض. وإن قالوا: لا عرض، بل كما يليق به. قلنا في الاستواء والفوقية: لا عرض، بل كما يليق به.

فجميع ما يلزموننا به في الاستواء والنزول واليد والوجه والقدم والضحك والتعجب، نلزمهم به في الحياة والسمع والبصر والعلم، فكما لا يجعلونها أعراضاً كذلك نحن لا نجعلها جوارح، ولا مما يوصف به المخلوق.

وليس من الإنصاف أن يفهموا في الاستواء والنزول والوجه واليد صفات المخلوقين، فيحتاجون إلى التأويل والتحريف.

فإن فهموا من هذه الصفات ذلك، فيلزمهم أن يفهموا في الصفات السبع، صفات المخلوقين من الأعراض، فما يلزموننا في تلك الصفات من التشبيه والجسمية نلزمهم في هذه الصفات من العرضية، وما ينزهون ربهم به في الصفات السبع وينفونه عنه من عوارض الجسم فيها، فكذلك نحن نعمل في تلك الصفات التي ينسبوننا فيها إلى التشبيه سواء بسواء.

ومن أنصف عرف ما قلناه واعتقده، وقبل نصيحتنا ودان الله بإثبات جميع صفاته هذه وتلك، ونفى عن جميعها التشبيه والتعطيل والتأويل والوقوف، وهذا مراد الله تعالى منا في ذلك، لأن هذه الصفات وتلك جاءت في موضع واحد، وهو الكتاب والسنة. فإذا أثبتنا تلك، وحرفنا هذه وأولنا، كنا كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض، وفي ذلك بلاغ وكفاية إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015