(اللات) أخذاً من (الإله) و (العزى) أخذاً من (العزيز) وتسميتهم الأصنام أحياناً (آلهة) وهذا إلحاد واضح كما ترى، لأنهم عدلوا بأسمائه تعالى إلى معبواداتهم الباطلة.

ثانيها: تسميته تعالى بما لا يليق به، كتسميته النصارى له (أبا) وإطلاق الفلاسفة عليه (موجباً بذاته) أو علة فاعلة بالطبع، ونحو ذلك.

ثالثها: وصف الله تعالى بما ينزه عنه سبحانه، كقول اليهود عليهم لعنة الله إنه فقير. وقوله: إنه "استراح" بعد أن خلق خلقه، وقولهم أيضاً: "يد الله مغلولة"، وغير ذلك من الألفاظ التي يطلقها بعض أعداء الله قديماً وحديثاً.

رابعها: تعطيل أسمائه تعالى عن معانيها (وهي الصفات) وجحد حقائقها. كما فعلت المعتزلة حيث جعلوا أسماء الله ألفاظاً مجردة لا تدل على الصفات، كقوله: سميع بلا سمع، وعليم بلا علم، إلى آخر الأسماء.

ويعدّ ابن القيم هذا النوع من أقبح أنواع الإلحاد في الأسماء والصفات معاً عقلاً وشرعاً وفطرة، لأنهم نفوا الصفات وهو إلحاد، ثم نفوا معاني الأسماء، وهو نوع آخر من الإلحاد فهم قد جمعوا بين النوعين، مع ما في ذلك من التلاعب بنصوص الصفات كما لا يخفى.

وهذا الإلحاد يقابل إلحاد المشركين الذي سبق أن تحدثنا عنه، لأن أولئك أعطوا آلهتهم أسماء الله وصفاته. وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها. وعطلوها، وكلهم ملحدون في أسمائه وصفاته وإن اختلفت الطرق وتباين نوع الإلحاد. علماً بأن الجهيمة وأشباههم من النفاة متفاوتون، فالجهمية أشد إلحاداً لأنهم ينفون الأسماء والصفات كما تقدم في غير موضع، وهم الذين نطلق عليهم أحياناً (الغلاة) وقد تقدم الكلام على غيرهم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015