قال ابن بطال عند تفسير قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} في هذه الآية إثبات يدين لله تعالى وهما صفتان من صفات ذاته، وليستا بجارحتين1 اهـ. ثم لو استقرأنا القرآن الكريم لوجدنا أن لفظ (اليد) جاء في القرآن على ثلاثة أنواع:
1- جاء مفرداً كقوله تعالى {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} 2.
2- جاء مثنى كقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 3.
3- جاء جمعاً كقوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} 4.
وإذا راجعنا هذه الاستعمالات الثلاثة للبد نجد أن الله إذا ذكر اليد مثناة يضيف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد ويتعدى الفعل بالباء إليهما أي إلى اليدين {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} .
وإذا ذكرها بصيغة الجمع أضاف العمل إلى اليد والفعل يتعدى بنفسه لا بالباء {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} .
وأما في حالة الجمع يكون معنى عملت أيدينا أي عملنا نحن، وهو يساوي عملنا وخلقنا ورزقنا وتوضيح ذلك: من الجائز أن يضاف الفعل إلى يد ذي اليد، بدلا من أن يضاف إليه مباشرة، وهو أسلوب معروف عند العرب، وهو كقوله: {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} 5، و {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} 6، وأما إذا أضيف الفعل إليه تعالى ثم عُدّي الفعل بالباء إلى يده مثناة أو مفردة فهذا