إن هذا المقدار من الإيمان من أصول هذا الدين وأساسه الذي ينبني عليه ما بعده من واجبات الدين وفروضه، إذا كنا نؤمن هذا الإيمان - ويجب أن نؤمن- فأين نجد بيانه عليه الصلاة والسلام، الذي به يتحقق امتثاله لتلك الأوامر؟

{بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ} 1، {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} 2، {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ} 3.

الجواب: نجد ذلك في سنته المطهرة التي هي خير تفسير للقرآن بعد القرآن، والتي قيض الله لها من شاء من عباده فصانوها، وحفظوها من كل قول مختلق، وكل معنى مزيف، ودونوها منقحة مصداقاً لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 4 كما تقدم.

والذكر المنزل المحفوظ هو القرآن الكريم في الدرجة الأولى، والسنة تدخل في عموم الذكر عند التحقيق، وإنعام النظر وبيان ذلك:

إذا كان القرآن الكريم محفوظاً بنص الآية السابقة، فإن السنة المطهرة محفوظة أيضاً بدلالتها نفسها، وتوضيحه كالآتي:

1- إنها داخلة في عموم الذكر، لأنها تذكّر، كما أن القرآن يُذَكّر.

2- حفظ الله للقرآن الكريم يتضمن حفظ السنة لأنها بيان وتفسير له فحفظها من حفظه، وعلى كل حال فإن السنة المطهرة محفوظة ولا شك، وهو أمر يكاد أن يكون ملموساً لمس اليد، إذ قيض الله لها رجالاً أمناء ونقاداً أذكياء يدركون من العلل الخفية ما يعجز عن إدراكها غيرهم، منهم من قاموا بدراستها وحفظها سنداً ومتناً، وجمعها، ومنهم من عمدوا إلى غربلتها وتصفيتها حتى يتبين المقبول من المردود. ومنهم من دققوا في أحوال الرواة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015