وقال بعضهم: هي التي تدل على سلب ما لا يليق بالله عن الله1 والتعريفان متقاربان كما ترى.
وهناك صفات سلبيات أخرى غير الصفات السلبيات التي اصطلح عليها الأشاعرة التي تقدم الحديث عنها، ونعني بالسلبيات هنا الصفات التي تدخل عليها (أداة) النفي مثل (لا) ، و (ما) و (ليس) وهذا النوع من السلوب والنفي كثير في القرآن، وإنما يقع النفي في القرآن لتضمنه كمال ضد الصفة المنفية، بل لقد ثبت (بالاستقراء) أن كل نفي يأتي في صفات الله تعالى في الكتاب والسنة إنما هو لثبوت كمال ضده، كقوله تعالى: {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} 2، لكمال عدله، وقوله تعالى: {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ} 3، لكمال علمه، وقوله: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} 4، لكمال قوته، وقوله تعالى: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} 5، لكمال حياته وقيوميته، وقوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 6، لكمال جلاله وعظمته وكبريائه، وإلا فالنفي الصرف لا مدح فيه، ألا ترى أن قول الشاعر:
قُبَيِّلَة لا يَغْدِرَون بذمِّة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل
لما اقترن بنفي الغدر والظلم عنهم ما ذكره قبل هذا البيت وبعده، وتصغيرهم بقوله: (قُبَيِّلَة) عُلِمَ أن المراد عجزهم وضعفهم لا كمال قدرتهم، وقول آخر:
لكنَّ قومي وإن كانوا ذوي عدد ... ليسوا من الشر في شيء وإن هانا7