استأثرت به في علم الغيب عندك. فإن هذه الأقسام الثلاثة تفصيل لما سمى به نفسه.
وأجاب الحافظ على هذا الإشكال بجواب مستفيض وحقق تحقيقاً قلّ ما يوجد له نظير - فيما علمنا- وملخصه هو الآتي:
إن العطف بين هذه الجمل من باب عطف الخاص، لأن كل جملة أخص من التي قبلها، والمعهود في باب عطف الخاص على العام أن يكون بالواو دون سائر حروف العطف إلا أن العطف بـ"أو" على العام له فائدة أخرى غير الفائدة التي في العطف بالواو.
وهي بناء الكلام على التقسيم والتنويع كما بنى عليه تاماً. فيقال: سميت به نفسك فإما أنزلته في كتابك. وإما علمته أحداً من خلقك1 اهـ.
قلت: ولا يستبعد لو قيل: إن "أو" هنا معنى الواو، وهو أسلوب متبع معروف عند أهل اللغة.
ثم انتقل ليذكر لنا فائدة أخرى في الحديث، وملخص ذلك: أن الحديث يدل على أن أسماء الله غير مخلوقة، بل هو الذي تكلم بها وسمى بها نفسه، ولهذا لم يقل: كل اسم خلقته لنفسك، ولو كانت مخلوقة لم يسأله بها. فإن الله (لا يقسم عليه) بشيء من خلقه، فالحديث صريح في أن أسماء الله ليست من فعل الآدميين وتسمياتهم، ويدل أيضاً على أن الأسماء مشتقة من صفاته، وصفاته قديمة قائمة به تعالى فأسماؤه غير مخلوقة2 اهـ.
فإن قيل: فالاسم عندكم هو المسمى أو غيره؟! قيل: طالما غلط بعض الناس في ذلك وجهلوا الصواب فيه.