الحكم) أول من أظهر إطلاق لفظ (التجسيم) من متكلمة الرافضة1.

وهناك خمسة فرق من الروافض ولكنهم يقولون بالتجسيم مع اختلافهم في الأسلوب والتفسير، وتوجد هشامية أخرى أتباع هشام بن سالم الجواليقي، التي تزعم أن معبودها على صورة الإنسان وينكرون أن يكون لحماً ودماً، إلى آخر تلك الأوصاف الكفرية، فهما طائفتان جمعهما الإلحاد بالتشبيه والتجسيد وفرقتهما كيفية ذلك التشبيه والصورة.

ولعل الإمام ابن القيم يرى أن معبودهم الذي بتلك الصفات ليس هو رب العالمين -وهو الواقع- حتى يقال: إنهم شبهوا الله بخلقه، ولكنهم اتخذوا معبوداً آخر بتلك الصورة. والله أعلم. وإلا فإنهم قد شبهوا أقبح التشبيه، ثم لم يؤولوا كما أولت المعطلة.

ويجزم الإمام ابن القيم أن المراد بالمشبهة الذين عُنيَ القرآن بالرد عليهم هم أولئك الذين يثبتون للمخلوق علماً كعلم الخالق، وقدرة كقدرة الخالق، وتصرفاً في الكون كتصرفه حتى عبدوا مخلوقاً مثلهم بعد هذا الغلو فيه، كما يعبد الموحد ربه سبحانه بأنواع العبادات من التذلل والخضوع والذبح والنذر وغير ذلك.

ويرى ابن القيم أن هذا هو الواقع من بني آدم قديماً وحديثاً يشبهون أوثانهم وأصنامهم ومعبوداتهم بالخالق. وقطعاً لا يعرف إبّان نزول القرآن غير هذا النوع من التشبيه، وهذا ما يعنيه ابن القيم. وقد ساق عدة آيات مؤيداً بها ما ذهب إليه. مثل قوله تعالى: {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} 2، أي من يساميه ويماثله، وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} 3، وقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015